يُحكى أنَ رجلا أعرابيا خرج إلى الصيد برفقة صاحب له، وكان لهذا الرجل كلب تربى عنده منذ صغره وكان الرجل عطوفا على كلبه يرعاه ويهتم بأمره دائما، وبينما هما على وشك الانطلاق في رحلة الصيد البعيدة وإذ بالكلب يتبع صاحبه، ولكن الرجل صاح به ليعود ورماه بالحجر، فما كان من الكلب إلا أن ولى أدباره.
وظن الرجل أن كلبه عاد إلى البيت، إلا أن الكلب ظل يتتبع آثار أقدام الخيل من بعيد لبعيد، ويسير في إثرهم من مكان لمكان دون أن يلحظوا وجوده.
وفي إحدى جولات الصيد بينما كان الرجل يتتبع فريسته بعيدا عن صديقه مطلقا عليها النار إذ بجماعة من اللصوص وقطاع الطرق ترقبه من البعيد وتختبئ بين الأدغال ينتظرونه إلى أن يفرغ طلقاته لينقضوا عليه... وفعلا هذا ما حدث، حاول الرجل أن يدافع عن نفسه ولكن أنى لذلك المسكين، من أن يحقق مبتغاه والغلبة دائما للأكثرية، حاول أن يستغيث بصديقه أو بأحد ِ المارة، ولكن صراخه لم يصل إلا إلى أذن صديقه، الذي ما إن تهادى له وقع الصوت حتى خاف على روحه وقال: لأنجو بنفسي أنا من هؤلاء الأشرار فما جدوى قتالهم، وإن سألني أحد ٌ عن صديقي سأقول أن وحوش الفلاة قتلته وافترسته بينما كان يتعقّبها ليلا.
وركب الصديق فرسه مسابقاً الريح عائدا أدراجه تاركا صديقه يواجه مصيره المحتوم، ولكن الكلب كان قد وصل إلى المنطقة متتبعا أثر صاحبه.
قام قطاع الطرق بنهب بارودة الرجل وخنجره المطعم بالذهب، ودراهمه التي كانت بحوزته وحتى ثيابه سرقوها وسرقوا فرسه وما أسرج عليه وضربوه وعذبوه وأتوا به إلى حفرة قريبة غير عميقة وطمروه بها وظنوا كل الظن أن الرجل قد قضى فعلا.
ولكن الكلب تبع أثر صاحبه ووصل إلى المكان الذي دفن به صاحبه
وسمع همهماته وحشرجته، فأخذ يحفر وينبش المكان إلى أن كشف عن رأسه، وعاد للرجل نفسه.
وشاءت الأقدار أن قافلة مرت من قرب المكان وشاهدوا الكلب وهو يحفر فاستغربوا الأمر وقدموا إلى المكان فوجدوا الرجل، فانتشلوه وأنقذوه من موت وشيك..
ومازال الكلب الوفي يلوح بذيله ويهمهم حول صاحبه، والرجل يربت له على رأسه ولسان حاله يقول وهو عائد إلى دياره كلب صديق.. أفضل من صديق كلب
.